مع بدء نظر الطعون.. ما تداعيات إلغاء المحكمة العليا تعديلات قضائية مثيرة للجدل في إسرائيل؟
في خطوة وصفها مراقبون بـ”التاريخية”، تناقش محكمة العدل العليا في إسرائيل، اليوم الثلاثاء، الطعون التي قدمتها المعارضة ضد قانون “حدود المعقولية” الذي صوت عليه الكنيست في يوليو الماضي.
ويجمع القانون، الذي يحد بشكل كبير من قدرة المحكمة على التدخل في قرارات الحكومة حتى لو اعتبرتها غير معقولة أو منطقية، للمرة الأولى المحكمة العليا بكامل هيئتها للنظر في الطعون المقدمة ضدها، باعتباره القانون الأبرز للعملية القضائية المثيرة للجدل. “. خطة الإصلاح” التي وصفتها المعارضة.
وأكد مراقبون أن قرار المحكمة مهما كانت طبيعته، قد يشعل الساحة الإسرائيلية ويؤدي إلى صدام قوي وحرب مفتوحة بين المواطنين، إما بإلغاء خطة الإصلاح أو دعمها، في ظل الانقسام العمودي في المجتمع الإسرائيلي، بعد وأدت التعديلات إلى تظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين.
واعتبر وزير العدل ياريف ليفين، أحد مهندسي خطة «الإصلاح القضائي»، أن جلسة اليوم الحاسمة «تشكل ضررًا قاتلًا للديمقراطية وهيبة الكنيست». ووفقا له، فإن “الشعب هو صاحب السيادة ويتم التعبير عن إرادته في القوانين الأساسية التي يسنها الكنيست (لا يوجد في إسرائيل دستور وقوانين أساسية يسنها الكنيست).
لحظة تاريخية
اعتبر محمد حسن كنعان، زعيم حزب القومي العربي وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن نظر محكمة العدل في الطعون المقدمة ضد خطة التعديل القضائي التي قدمتها حكومة نتنياهو، يعد لحظة تاريخية للسلطة القضائية، إذ إنها وهي المرة الأولى التي تكتمل فيها محكمة العدل العليا بكامل طاقمها المكون من 15 عضوا.
وبحسب حديثه مع “البلد”، فإن المحكمة تدرس موضوع التعديلات القضائية، ولا سيما قانون اللاعقلانية الذي تم إقراره كقانون أساسي في الكنيست الإسرائيلي، مؤكدا أن إلغاء المحكمة للقانون يخلق حالة من الفراغ القانوني الكبير، لكن إذا لم تتدخلوا فإنكم ستمنحون هذه الحكومة الفاشية فرصة كبيرة لسن القوانين. العنصرية في المستقبل يمكن أن تهيمن على القضاء وتحد من أسس الديمقراطية.
وأوضح أن هناك مخاوف كبيرة لدى المجتمع العربي الفلسطيني داخل إسرائيل من هذه التعديلات والقمع المتزايد لها من قبل هذه الحكومة في المستقبل، مبرزا أن التحليلات تقول إن المحكمة ستتدخل لإنقاذ النظام القضائي الإسرائيلي والحفاظ على الديمقراطية المزعومة.
ويرى أنه إذا لم تقم المحكمة بإلغاء هذه القوانين فستكون هناك مشاكل كبيرة، معتبرا أن أي قرار تتخذه المحكمة سيسبب زلزالا كبيرا في إسرائيل، سواء على مستوى الحكومة أو الكنيست أو الأوساط الشعبية المختلفة. خاصة في ظل الاحتجاجات الكبيرة التي تجتاح إسرائيل ضد الانقلاب القضائي الذي قاده نتنياهو وحكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة.
سيناريوهات متعددة
من جهته، اعتبر نبيه عواضة، الباحث اللبناني المتخصص في الشأن الإسرائيلي، أن المناقشة في محكمة العدل بشأن الطعون المقدمة ضد التعديلات القضائية كانت لحظة تاريخية – كما وصفتها وسائل إعلام إسرائيلية – وربما أكثر من ذلك، إذ أن ما يمكن أن تصدره المحكمة العليا يمكن أن يؤسس لمرحلة وعصر جديدين داخل إسرائيل.
وبحسب حديثه مع “البلد”، فإن ما يحدث هو تغيير كبير في بنية النظام السياسي الإسرائيلي، ويمكن أن يخلق حالة من عدم الاستقرار. وحتى لو صدر القرار بتثبيت قانون الكنيست وتخلت المحكمة عن دورها الرقابي، فهو استئناف لمبدأ وجود السلطة القضائية كسلطة تمنع مخالفات وتجاوزات النص أو العرف. .
وأوضح: “هذا يفتح الباب أمام الهيمنة السياسية والحزبية، وتتلاشى السلطة الإجرائية، مما يخلق اضطرابات سياسية. ولا يمكن استبعاد أن نكون أمام دكتاتورية فريدة من نوعها، لا تمارس هذه المرة ضد الفلسطينيين، الذين سيدفعون الثمن”. الثمن أكبر والثمن نتيجة لهذا التغيير من طرد وقتل وقمع وليس فقط اعتقال”. وستظهر ضد اليهود أنفسهم الذين لا يتفقون مع الحكومة، مظاهر العنصرية والتمييز والتشرذم والانقسامات العرقية والتعددية المختلفة”.
وقال إنه إذا ألغت المحكمة القانون فإن الفريق الحاكم سيعتبره رصاصة قاتلة أطلقت على قلب مشروع الحكومة، الذي سيواجه المحكمة وقرارها بقوة، حيث من المتوقع أن تفقدها هذه الإجراءات سلطتها. “وهو ما ينذر بانقسام أفقي في الشارع، ولا يمكن استبعاد تظاهرات واشتباكات واندلاع اشتباكات، وحرب أهلية عنيفة”.
وأكد أن “المعارضة في هذا السيناريو ستلتف حول قرار المحكمة، فيما سيخرج الموالين ليستعرضوا قوتهم الشعبية لأنهم يبدأون بطرح أفكارهم وخططهم من قاعدة التمثيل الشعبي، وفي النهاية الشارع سيكون حاسما وكلمته ستكون نهائية، قبل أن يصل إلى صيغة أخرى، بما في ذلك إجراء انتخابات مبكرة “أو تؤدي إلى القتل الجماعي”.
تظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين، بعد ظهر أمس الاثنين، أمام المحكمة العليا في القدس لدعمها ضد ما أسموها “تهديدات المافيا” التي أطلقها وزراء الحكومة ضد قضاتها.
يُشار إلى أن قانون “حدود المعقولية” هو أحد مشاريع القوانين الثمانية ضمن خطة “الإصلاح القضائي”، التي تهدف بحسب الحكومة إلى تحقيق التوازن بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، فيما تقول المعارضة. أن الحديث يدور حول “انقلاب استبدادي” سيدمر… الديمقراطية في إسرائيل.