ويسعى المغرب، وفق مخطط استراتيجي، إلى فك ربط الدرهم عن اليورو والدولار، بعد استكمال المراحل الأولى المرتبطة بإصلاح سعر الصرف.
وتتطلب العملية العديد من الشروط التي يسعى المغرب إلى استيفائها لبدء الخطة، خاصة بعد أن بدأ تحرير سعر صرف الدرهم عام 2018، باعتماد نطاق تذبذب يبلغ 2.5% صعودا وهبوطا، بدلا من 0.3% كما كان من قبل.
خطوات تدريجية
وفي 2024، تم توسيع هذا النطاق إلى 5% مع الاستمرار في ربط الدرهم بسلة عملات تشمل اليورو عند 60% والدولار عند 40%، والتحرك تدريجيا نحو الخطة الاستراتيجية للمصرف المركزي حتى المدى. بين عامي 2024 و2028، والذي يتضمن 3 عناصر رئيسية: تحرير سعر الصرف، وإنهاء مشروع العملة الرقمية للبنك المركزي، ومشروع قانون يسمح بتداول الأصول المشفرة، وكلها خطوات تم تنفيذها تدريجياً.
وبخصوص الشروط التي يجب توافرها لتنفيذ المخطط الاستراتيجي، أفاد الخبير الاقتصادي المغربي أوهادي سعيد، أنه منذ عام 2018، بدأ البنك المركزي المغربي سلسلة من تعويم الدرهم بنسبة 2,5% قبل أن يصل إلى 5% خلال عام 2024، في ظل تساؤلات حول التأثيرات الآنية والمستقبلية لهذه الخطوة الأولى من نوعها منذ عام 1959.
وأضاف في حديثه لـ”البلد” أن “البنك المركزي أطلق خلال الربع الأخير من عام 2023 الخطة الاستراتيجية 2024-2028، التي ترتكز بشكل أساسي على استمرار تعويم الدرهم وانفصاله عن اليورو والعملة الموحدة”. اليورو. الدولار الأمريكي، بالإضافة إلى تقنين العملات الرقمية وتسويق الأصول الرقمية”.
وتابع: “فيما يتعلق بموضوع التعويم، كانت المرحلة الأولى مهمة لدراسة مدى استجابة الاقتصاد المغربي لسعر صرف الدرهم المغربي الذي يرتبط بنسبة 60% بالأورو و40% بالدولار”. “.
وبحسب تصريح لوالي بنك المغرب في ديسمبر الماضي، ارتفع سعر الدرهم بنسبة 1.43% مقابل اليورو و1.4% مقابل الدولار الأمريكي خلال الربع الثالث من عام 2023. وبحسب المصدر نفسه، فإن الدرهم ومن المتوقع أن يسجل تحسناً عاماً بنسبة 0.8% بعد الانخفاض وقيمته 3.9%.
ويرى سعيد أن المخطط الاستراتيجي لبنك المغرب يهدف إلى الانفصال عن اليورو والدولار خلال السنوات الخمس المقبلة، لكن رئيس البنك المركزي ينتظر اتخاذ القرار الصحيح في الظروف المناسبة.
الشروط التي يجب الوفاء بها
وأشار إلى ضرورة توفير الظروف الموضوعية للمملكة المغربية لتنفيذ هذه الخطة الاستراتيجية.
وبحسب الخبير المغربي، فإن الشروط تتمثل أساسا في توفر سياق “اقتصادي كلي” ومالي مناسب، وتوافر ميزان تجاري متوازن، فضلا عن تحقيق توازن المالية العمومية مع التحكم في عجز الميزانية، وضبط الدين العمومي وتوفير الموارد اللازمة. مناخ اجتماعي مناسب ومستقر.
وشدد سعيد على ضرورة تلبية ثلاثة شروط أبرزها محافظ بنك المغرب، وهي الاستعداد التام للشركات، ووجود رصيد كاف من العملة الصعبة، إضافة إلى استقرار معدل التضخم في حدود 2 %. ، نظرا للوضع الحالي المليء بالاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية ورغم انخفاض معدل التضخم إلى حدود 6% والمتوقع 2.5% خلال السنوات الثلاث المقبلة، إلا أن اتخاذ القرار النهائي يتطلب انتظار كيف سيتغير الوضع المقدر أنه سيكون خلال الربع الأول من عام 2024.
تنويع الشراكات
وبحسب الوهادي سعيد، فإن سحب العملتين العالميتين يتماشى مع السياسة العامة للمغرب، التي تتطلب تنويع الشراكات وتحقيق مزيد من الاستقلال للاقتصاد المغربي في الاتحاد الأوروبي، خاصة تعميق العلاقات الاقتصادية مع القوى العالمية الصاعدة، بالإضافة إلى أفريقيا والعالم العربي.
وسبق أن وقع المغرب على مذكرات تفاهم مع دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يرى سعيد أن الاتفاقيات الاثنتي عشرة تعزز تصميم المملكة المغربية على المضي قدما في هذه الخطوة الطموحة والشجاعة.
وختم بالقول: “القرار يجب أن يكون من قبل وزارة الاقتصاد والمالية بالتشاور مع البنك المركزي، وللقيام بذلك يجب توفير البنية الاقتصادية والاجتماعية المناسبة”.
ارتفاع معدل التضخم
وشهد المغرب، خلال سنة 2023، موجة تضخم غير مسبوقة منذ تسعينيات القرن الماضي، بمعدل سنوي بلغ 6,6%.
وبحسب توقعات البنك المركزي المغربي، فإن سنة 2023 ستسجل نسبة تضخم تبلغ 6,1%، ستنخفض إلى 2,4% للأعوام 2024-2025، وهو مستوى أقرب إلى هدف 2%، مما يحسن المرحلة الانتقالية إلى المرحلة الثانية من الخطة
ويعتزم بنك المغرب إعادة النظر في نماذج التوقعات المعتمدة حاليا، سواء على المدى القصير أو المتوسط.