إنجازات المرأة من خلال المنظمات النسوية

كتاب البلد
قراءة 10 دقيقة

إنجازات المرأة من خلال المنظمات النسوية

إن التعبير عن مطالب واحتياجات المرأة ذات الطبيعة الحقوقية استلزم في كثير من الأحيان وجود منظمات حقوقية، دفاعية ورغم محدودية نشاط المنظمات في هذا المجال – وكما أوضحت التقارير- إلا أنه يمكن تسجيل تأسيس عدد من المنظمات الحقوقية في الدول العربية والتي تفاعلت مع قضايا المرأة من منظور حقوق الإنسان، وتوعية النساء بحقوقهن القانونية. ومثل هذه المنظمات الدفاعية تعود أهميتها ليس فقط لما تؤديه من دور في الدفاع عن قضايا المرأة، وإنما أيضاً إلى تأكيدها على التمكين انطلاقا من تحقيق الاحتياجات الاستراتيجية وعدم الاكتفاء بإشباع الاحتياجات الأساسية للنساء.
وقد أظهرت التقارير محدودية عدد مثل هذه المنظمات، فهي تمثل خمس منظمات في مصر، وثلاث في الأردن ونحو عشر في فلسطين على سبيل المثال. من بين القضايا المهمة التي توليها المنظمات الأهلية النسائية اهتمامها بقضية العنف ضد النساء الذي لم يعد خطاباً مسكوتاً عنه، وإنما استطاعت المنظمات النسائية أن تسجل نتائج مهمة وجادة في هذا المجال تمثل في خطوات عملية من بينها أن هناك بعض المنظمات التي تحدد نشاطها في الدفاع عن المرأة المعنفة، ويبرز ذلك في حالة تونس والمغرب والجزائر خصوصا.
فضلاً عن أن هناك منظمات تدرج قضية العنف ضد المرأة في إطار أنشطة الدفاع عن حقوق المرأة عامة، وأشارت التقارير إلى أن محدودية فعالية المنظمات الحقوقية يعود إلى عدد من المعوقات أبرزها، أنها منظمات نخبوية تفتقد للتدعيم والتمويل المحلي، وتعاني من إشكالية توسيع قاعدة العضوية، ولم تبلور بعد شبكة فعالة فيما بينها.
التمكين السياسي
رغم تأكيد العديد من المؤتمرات والمواثيق الدولية بدءاً من منهاج عمل بكين وحتى إعلان الألفية، والأهداف الإنمائية للألفية، على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لضمان مشاركة فعالة للمرأة في مراكز صنع القرار والحياة السياسية عموما، إلا أن الواقع يشهد بتدني مشاركة النساء في هذه المجالات، فالمنطقة العربية وفقا لنتائج تطبيق مقياس تمكين المرأة الذي وضعته الأمم المتحدة، يكشف عن قصور واضح للمرأة في كل الدول العربية، والتي احتلت المرتبة قبل الأخيرة على المقياس. في هذا السياق بدأت المنظمات الأهلية تنشط إلى حد ما، فاتخذت بعض الدول العديد من الإجراءات التي من شأنها دفع المرأة للمشاركة في العمل السياسي، حيث منحت البحرين على سبيل المثال حديثا المرأة حق الترشيح والتصويت في الانتخابات، وفي سلطنة عمان هناك نشاط مكثف لدعم مشاركة المرأة في انتخابات مجلس الشورى، كما أن موضوع مشاركة المرأة سياسيًا أصبح مطروحًا من خلال ورش العمل والندوات المتتالية التي تدعو إلى تبني نظام الحصص (الكوتة) لزيادة التمثيل النسائي في الكيانات التشريعية المختلفة، وهناك حملات توعية مكثفة وبرامج تدريبية تستهدف التأهيل السياسي للمرأة وتعاون بين الأجهزة الوطنية المعنية بشئون المرأة في الدول العربية والمنظمات الأهلية والأحزاب السياسية. فقد شهدت حركة المرأة العربية صعودا مهماً تمثل فى ظاهرتين أساسيتين:
أولاهما: اتساع حجم مشاركتهما فى ميادين العمل، وارتفاع نسبة مساهماتها فى النشاط الاقتصادي والعملي والثقافي، وقد ترافق مع هذا التطور ظاهرة الانحسار التدريجى للأمية، وارتفاع نسبة النساء المتعلمات فى جميع المراحل.
ثانيتهما: تقدم وعي المرأة العربية فى الدفاع عن حقوقها ومكتسباتها عبر المؤسسات النسوية والحقوقية والمهنية بشكل عام، وعلى أساس مبدأ المساواة المنصوص عليه فى معظم الدساتير الوطنية. على هذا الصعيد فقد تمت إنجازات متقدمة وتعديلات مهمة للقوانين والتشريعات الخاصة بأوضاع المرأة فى عدد من البلدان العربية، كما انتشرت المؤسسات الخاصة بالدفاع عن حقوق المرأة فى جميع الميادين.
وبديهي القول: إن مظاهر التطور المشار إليها ارتبطت مع حركة نهوض سياسية عامة فى الوطن العربي، وحدوث تحولات اجتماعية واقتصادية مهمة أنجزت بين مرحلتين تاريخيتين: مرحلة الاستعمار والتخلف، ثم مرحلة التحرر الوطني وكل ما رافقها من عمليات نهوض بالبنية التحتية والفوقية، بما فى ذلك الشروع فى بناء اقتصاد وطني مستقل.
وفى خضم الصراع الجاري فى المرحلة الانتقالية المشار إليها اصطدمت حركة التقدم للمرأة العربية بالبنى الثقافية والفكرية السائدة، ولم تتحقق الإنجازات الخاصة بوضع المرأة بسهولة تلقائية، وبعد ذلك تدخلت بعض الأنظمة السياسية العربية بشكل مباشر لصالح إقرار عدد من القوانين والتشريعات الخاصة بحماية حقوق المرأة والتى تحفز وتشجع تقدمها ومشاركتها فى الحياة العامة.
وإن مضمون الكتيب هنا لايخوض فى تقييم تاريخى لتجربة المرأة العربية، ولكنه يتناول واحدا من المحاور الخاصة بأوضاعها الراهنة والمتعلقة تحديدا بطبيعة المشكلات التى تتعرض لها المرأة العربية العاملة فى المواقع القيادية، وسبل تجاوز هذه المشكلات وتوفير إمكانات النجاح. والموضوع كما يتضح من عنوانه ليس معزولا عن المحيط الاجتماعى والسياسى والثقافى، بل يعتبر واحداً من أعضائه، يتأثر به ويؤثر فيه، بالقدر الذى تسمح به موازين القوى الاجتماعية.
وعليه لابد من الإشارة إلى أن المنحنى التصاعدي فى مسيرة المرأة العربية، بدأ يواجه منذ مطلع الثمانينات تحديات كبيرة ونوعية تمثلت فى تفاقم المشكلات الاجتماعية فى البلدان العربية ووصولها إلى درجة الأزمات، نتيجة ازدياد مساحات الفقر وتدهور مجمل الأوضاع المعيشية، وقد تضررت نتيجة لذلك فئات واسعة بسب نقص كفاءة الخدمات الصحية والتعليمية، وتراجع هوامش الحريات العامة، والحرمان من الحقوق السياسية.
هذا بالإضافة إلى ضغط المناخات الدولية والمؤسسات المعنية بشئون المرأة والتنمية على المؤسسات النسوية العربية، الرسمية منها والشعبية، وعلى مؤسسات المجتمع المدنى بشكل عام فى بلداننا العربية، ومطالبتها صراحة بالتكيّف مع الواقع الجديد الناشئ عن سياسة عولمة الاقتصاد ونتائجه الاجتماعية والثقافية، حيث تدفع البلدان الفقيرة والنامية التكلفة الباهظة لهذه السياسة، على حساب ثرواتها واستقلالها ونموها الاقتصادي.
إن التحولات الكبرى التى شهدتها منطقتنا على جميع المستويات، وفى ظل مناخات دولية متغيرة بسرعة هائلة ومختلفة نوعيا عما كانت عليه فى بداية النصف الثاني من القرن العشرين – قد أثرت بصورة واضحة على مسيرة المرأة العربية، واتجاهات عملها ومكوناتها، وبدلا من الاستمرار فى البناء على المنجزات التى تحققت لصالحها فى مراحل تاريخية مضت، فقد وقعت مسيرتها فى حالة من الارتباك الشديد، وشهدت بعض فصولها تحولات مفاجئة نتيجة الضغوط متعددة الأطراف، وبسبب غياب وجود سياسة مراجعة جادة ومنهجية للتجربة الماضية.
ودون إغفال الإنجازات التى وقعت حديثا لصالح المرأة فى عدد من البلدان العربية، فإن السمة العامة لحركتها هى التشوش والارتباك والتركيز على إمكانات النخب على حساب القواعد العريضة من النساء اللائي يعانين من التدهور الحاد فى الأوضاع المعيشية. تقول الناشطة من أجل حقوق المرأة الإسترلينيًاة عزة سليمان للمساواة الآن: ” لقد كان حلمي لبلدي دائما أن يتضمن المساواة والعدالة للجميع، وللمرأة بأن تلقى أخيرا الاحترام. ويساورني قلق شديد الآن بشأن استمرار استبعاد النساء من العملية الدستورية .
فما لم تعامل المرأة كشريك حقيقي في تقرير مستقبل مصر، ستعاني النساء والفتيات من عواقب ذلك”. وفي 8 سبتمبر، بدأت لجنة دستورية أنشأتها الحكومة الإسترلينيًاة المؤقتة الجديدة العمل على وضع دستور جديد للبلاد. غير أن المادة 29 من الإعلان الدستوري، الصادر عن الرئيس المؤقت عدلي منصور، لم تخصص سوى10٪ فقط من عضوية لجنة الخمسين لـ “النساء والشباب”. وفي هذا تجاهل فعلي لمطالب المرأة بالمشاركة الكاملة. وقد اقتصر اختيار النساء في معظمه على ممثلات الهيئات الحكومية، الأمر الذي لا يعكس النطاق الكامل لمصالح المجتمع المدني، وخبراته، ومطالبه.
اتخاذ إجراء!
وتشعر المرأة الإسترلينيًاة أيضا بالانزعاج لأن ما يطلق عليه لجنة الخبراء المؤلفة من 10 أعضاء، التي عملت في سرية على إعداد توصيات بشأن التعديلات الدستورية للجنة الـ 50 عضوا، لم تشمل في عضويتها أي امرأة، ناهيك عن أي خبراء في مجال حقوق المرأة. وفي مسودات المقترحات التي تسربت إلى وسائل الإعلام ما يبرر شعور شركائنا بالقلق لأنها على ما يبدو تمثل تراجعا عن الإنجازات التي تحققت بالفعل للمرأة . وتعرب الجماعات النسائية الإسترلينيًاة، التي شاركت بقوة وإيجابية في الثورة من أجل حقوق وحريات الجميع، ومنها مؤسسة قضايا المرأة الإسترلينيًاة وتحالف المنظمات النسوية الإسترلينيًاة، عن شعورها بالصدمة إزاء هذه التحركات الجديدة وتندد بالإقصاء المنهجي للمرأة وتدهور مشاركتها السياسية المحدودة أصلا. ولذلك فإن شركاء المساواة الآن يطالبون بإدخال تغيير على تشكيل اللجنة الدستورية المؤلفة من 50 عضوا لتشمل بين أعضائها نسبة لا تقل عن 35 ٪ من النساء، يمثلن جميع شرائح المجتمع ولا سيما من لهن خبرة في مجال حقوق المرأة.
كما أنهم مصممون على دعوتهم إلى التنفيذ الكامل لـ ميثاق المرأة الإسترلينيًاة لعام 2011 ، الذي وضعته أكثر من 000 3 سيدة وأيده نصف مليون مواطن إسترلينيًا، من الرجال والنساء على حد سواء. وتدعم المساواة الآن جهود شركائنا المستمرة لتحميل السلطات المسئولية عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان المكفولة لهن، وتحث السلطات الإسترلينيًاة على تحقيق المطالب التالية : ضمان قاعدة عريضة للمشاركة من جميع شرائح المجتمع في لجنة الـ50 عضوا لصياغة الدستور من أجل ضمان رشاد الحكم ونزاهته وتمثيله واحترام احتياجات المرأة وتطلعاتها على النحو الذي صاغته من قبل مجموعة متنوعة من النساء من مختلف أنحاء مصر . ضمان أن تكون نسبة 35 ٪ بحد أدنى من أعضاء اللجنة الدستورية من الخبرات النسائية، بما في ذلك ممثلات عن المجتمع المدني .

شارك هذه المقالة
Exit mobile version